حقيقة في ضوء ما جاء في هذه القضايا من اختلافات نجد أن هناك ظاهرة في تاريخ الكتب الدينية، وبالذات في تاريخ طباعة
التوراة والأناجيل والتفاسير المتعلقة بها، عندما كانت هذه الرواية مقررة على أنها حقائق دينية عقدية؛ فكان الذين يطبعون الكتب القديمة -
التوراة،
التكوين وغيره- يحاولون أن يوضحوها ويرسموها ويرفقوها بالكتب؛ لكي يستطيع من أراد حفظها أن يحفظها، سواء كان في شرح
إنجيل لوقا ليحفظ نسب المسيح عليه السلام -طبعاً نحن نعرف التناقض كيف يقولون: هو ابن الله ومع ذلك ينسبونه إلى داود ثم إلى إبراهيم عليه السلام! المقصود: أنهم يأتون بهذه الشجرة لتحفظ -الحفظ عندهم قليل- أو لكي تفهم ويمكن الاطلاع عليه أو يأتون بها بشكل أوسع، وتفننوا في ذلك لا سيما بعد اختراع المطبعة. لاحظ
موريس بوكاي -وغيره يلاحظ ذلك أيضاً- أنه في الطبعات الأخيرة اختفت الجداول! فأصبحت تثير القارئ إلى أن يكذب ما في
التكوين أكثر مما تجعله يؤمن به، فتجاوزها! البعض يقول: إن هذه مجرد تمهيد لبيان الإيمان، فتؤخذ في الجملة ولا تؤخذ على أنها تفاصيل، ولا تؤخذ على أنها دلالة تاريخية حرفية، فالتأويل الحرفي والتفسير الحرفي خطأ كله, والبعض أوّل تأويلات بعيدة وتكلف فيها، المهم: أنهم في الجملة رأوا أنه أفضل شيء ألا ترفق.ومما يؤكد كلام
بوكاي وغيره أن هناك نسخاً قديمة من شروح
التوراة، وهذه التي بين يدي مثلاً نسخة قديمة جداً من ناحية الطباعة؛ فهي طبعت عام 1884م, ونجد أنها مرفق بها هذه القائمة وهذه التواريخ؛ لكن عندما نستعرض الآن الطبعات الحديثة والتي أشرنا إليها وعرضناها من قبل في اللقاءات الماضية؛ لا نجد ذكراً لهذه الجداول؛ لأنها أصبحت مما لا يريدون ذكره؛ بل يحاولون أن يمروا عليه مرور الكرام وأن ينتهوا منه.